تؤكد المعلومات التاريخية بأن التقرير الشامل عن وضع العراق الإقتصادي ومقترحات التنمية الذي اعدته بعثة البنك الدولي (I.B.R.D) بعد وصولها للعراق في شباط من العام (١٩٥١) بطلب من الحكومة العراقية يومذاك بينت ان نفوس العراق حوالي (٥) ملايين نسمة متوزعين على خارطة الوطن من أقصاه الى أقصاه.. لكن شتّان ما بين الأمس واليوم، فقد تغيرت الأحوال وتصاعدت الارقام بشكل مضطرد وها هي وزارة التخطيط تطلع علينا اليوم لتعلن أمام الملأ أن عدد سكان العاصمة بغداد بحدود (٩) ملايين نسمة خلال العام الحالي (٢٠٢٣) وعندما تجري مقارنة بسيطة ما بين (٥) ملايين نسمة وهو مجموع سكان العراق مطلع عقد الخمسينيات وبين(٩) ملايين نسمة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء  سكان بغداد، ستكتشف ان الرقم صادم حقاً ومدعاة للإثارة  وطرح العشرات من التساؤلات، وبحسب أصحاب الإختصاص والمراقبين مؤشر خطر على تضخم سكاني هائل له تداعياته وآثاره السلبية على مختلف جوانب الحياة ويستدعي حلولاً جذرية وفورية ترتقي لمستوى التحدي.. إن (٩) ملايين نسمة تعني اشياء كثيرة.. قصور في الخدمات الأساسية وعلى وجه الخصوص السكن والصحة والتعليم والتلوث البيئي والإختناقات المرورية بحيث لم تعد شوارع بغداد قادرة على ضمان إنسيابية السير الطبيعي والآمن.. يقول الناطق الرسمي بإسم وزارة التخطيط الزميل (عبد الزهرة الهنداوي) إن ذلك التوسع البشري تقابله مخططات تتولى وزارة الإعمار والإسكان وأمانة بغداد وضعها.. في وقت يرى الخبير الاقتصادي (نبيل جبار التميمي) في تصريح صحفي له: ان العاصمة بغداد لم تشهد تخطيطًا عمرانيًا منذ قرابة نصف قرن من الزمن وكذلك غابت عنها التحديثات التي تتلائم مع الواقع السكاني لا سيما مشاريع تطوير خطوط النقل والتقاطعات. وبين هذا وذاك أرى ضرورة إيلاء الحكومة الحالية التي يرأسها السيد رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) هذه القضية الأهمية التي تستحقها وأن تسارع الى عقد المؤتمرات التخصصية التي تشارك فيها خبرات عراقية وأجنبية لبحث واقع الحال الراهن لبغداد وصولاً الى حلول تُخرجنا من النفق الضيق قبل فوات الأوان.