النـص : لطالما أتردد في داخلي وأنا أشرع بكتابة عمودي الصحفي هذا بشأن مشكلة الكلاب السائبة أو الضالة أو (الدايحة أو المسربته) أو اطلق عليها ما شئت من الأوصاف.. ومبعث ذلك متأتٍ أصلاً من إحساس لا إرادي خشية أن يتهمني أحدهم بأنني (أخوط بجنب الإستكان) في موضوعات كهذه، وإن عليّ الخوض في قضايا مهمة على كل الصُعد والمجالات لا سيما تلك التي يعانيها المواطن العراقي في حياته اليومية وهي كثيرة لا شك ولا حصر لها، ولكنني وبحكم رصد الظاهرة التي أنا بصددها أرى أن التصدي لمشكلة الكلاب السائبة ليست ترفاً أو مضيعة للوقت، أو كما يقال، (املأ الفراغ الآتي) بقدر ما هي قضية على مستوى عال ٍ من الخطورة لأن هناك ضحايا يموتون بمعدلات ليست بالهيّنة جرّاء عضة الكلب التي تتسبب بـ( داء الكَلَب) وهو مرض فايروسي يؤدي الى أعراض أولية في مقدمتها إلتهاب حاد في الدماغ والشعور بالضيق والصداع والحمى التي تتزايد لتتحول الى ألم حاد وتشنجات عنيفة وتهيّج لا إرادي واكتئاب ورهاب الماء، وتنتاب المريض في النهاية نوبات من الجنون والخمول عادة ما تكون ذروتها غيبوبة وقد تنتهي بقصور التنفس (ها يابه) وبالتالي الموت!!
وبالمناسبة فإننا طرحنا هذه المشكلة اكثر من مرة وتوسمنا خيراً بالجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الصحة والدوائر البيطرية المختصة لاتخاذ ما يلزم بوضع حدٍّ لخطر داهم، لكن يبدو ان النعاس والخدر قد غلب على من يعنيه الأمر فلم يُعر ما نصرخ لإجله اهتماماً ولكن لا بأس من إعادة الكرّة عسى ان يصل الصوت الى طبلة أذن المسؤول وينهض من سباته المدلول!!
وللدلالة على حجم الخطر الداهم الذي يتعرّض له المواطن لكم ان تتخيلوا مشهد طفل صغير تحوطه الكلاب السائبة.. تمزق ملابسه ثم تبدأ بنهش لحمه الطري لتتركه عظاماً وجمجمة !!
في وقت تشير إحصائيات بأن اكثر من (٣٠٠) إصابة بعضّات الكلاب سجلتها مدينة الموصل الحدباء شهرياً بحسب تصريح لمدير مستشفى الموصل العام الدكتور ( يوسف مؤيد البدراني)، وبعملية حسابية فإن تلك الارقام تشير بما لا يقبل الشك بأن عدد الإصابات في اليوم الواحد تصل الى(١٠) حالات انتهى العديد منها بالموت، مع الاسف.. وما يحصل في الموصل يحصل في محافظة البصرة ومدن عراقية أخرى.
ويؤكد مواطنون إن سلوك بعض الطرق ليلاً بات محفوفاً بالمخاطر ليس بسبب وجود عصابات او مافيات تسليب وإنما بسبب سيطرة الكلاب السائبة، ما يجعل المرور بالقرب منها أشبه باللعب بالنار!!
ان أسباب تكاثر الكلاب السائبة في الكثير من المناطق السكنية كثيرة ولا تحتاج الى تشريب دجاج، وفي مقدمة ذلك انتشار النفايات وعدم وجود أماكن للطمر الصحي محمية بشكل نظامي وغياب الرقابة الصحية والبيطرية تماماً .. ما جعل الكلاب السائبة بمأمن.. ويبقى السؤال:
هل من حلّ لهذه المشكلة؟ وهل وصلت البرقية؟.
|