الخميس 2023/12/7 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
الديمقراطية الغربية .. زيف وعنصرية وانتهاك لحقوق الانسان
الديمقراطية الغربية .. زيف وعنصرية وانتهاك لحقوق الانسان
مقالات
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :


  نهاد الحديثي

عندما سقط حائط برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي ومعه منظومة الحكم الشيوعية قبل أكثر من 30 عامًا، بدا للكثيرين أن النظام الراسمالي هو الخيار الوحيد والأفضل للبشرية، وأن دائرة التاريخ اكتملت بسيادة قيم الديمقراطية الغربية, غير أن ما شهدته وتشهده بعض دول الغرب من صعود تيارات ومن ممارسات غير اخلاقية بحيث اصبحت تتراجع , واجهت اتهامات من قبل فلاسفة بأنها تمنح الحكم للخبثاء والجهلاء والفوضويين والفاسدين، وتحوّل أفراد الشعب إلى مرضى ومنحلين ونفعيين وغير أسوياء. هل تحولت الديمقراطية إلى واجهة مزيفة لحكم الأقلية وهل باتت تسمح بصعود الشعبويين للحكم؟ ان الديمقراطية تعيش اليوم مشكلة باتت واضحة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية وبعد أحداث البريكست, وباتت الديمقراطية النقيض الحقيقي لحقوق الانسان . 
فأصبحت الديمقراطيات الغربية لها أكثر من عنوان: الفساد السياسي والمالي بين النخب الحاكمة والمؤثرة في القرار. التوقف عن تكريس المبادئ الإنسانية التي قامت عليها المجتمعات الغربية. تراجع الإيمان بهذه المبادئ وأهميتها في الحياة الإنسانية وبضرورتها للعالم. الحرص على دعم الحقوق والحريات محليا وتشجيع عكسها بين دول وشعوب العالم الثالث. انتشار  العنصرية ومشاعر رفض الآخر بشكل جعلها، شيئا فشيئا، تصبح مقبولة في المجتمعات الغربية. غلق مساحات العمل السياسي في مستويات اتخاذ القرار لتصبح بالتوارث وحكرا على فئات اجتماعية ميسورة ومحظوظة. انتشار الجرأة في الاعتداء على الحريات ومَن يمثلها، مثل الصحافيين والمحامين والناشطين الإنسانيين. في أمريكا الفساد ينخر المجتمع السياسي بالقانون وخارج القانون ,واعتنقت الحكومة الأميركية الترويج للديمقراطية كبديل مُلطف وأهدأ للدفاع عن حقوق الإنسان. ما زالت الديمقراطية هي المقياس الذي تسجل عليه الولايات المتحدة درجة مرتفعة، لكن حقوق الإنسان في ظل الادارات الامريكية سجلت مستوى مزعجا للغاية. والحديث عن حقوق الإنسان يؤدي إلى التفكير في غوانتانامو وسجون السي آي آيه السرية واللجان العسكرية وتجميد الحق في مثول الأشخاص سريعاً أمام المحكمة. وعلى الرغم من الانتخابات الرئاسية في عام 2000؛ فإن الحديث عن الديمقراطية يجري»الطريق إلى الديمقراطية» يسمح بحبس المعارضين السياسيين وفصل القضاة المستقلين وإسكات الصحافة المستقلة، فمن السهل معرفة لماذا يشعر طغاة العالم بإغراء الاعتقاد بأنهم بدورهم يستحقون لقب الديمقراطيين
الانحراف الكبير الذي يعيشه الغرب يُسعد القادة في الدول الديكتاتورية والمتخلفة، ويزيدهم ثقة على المضي في فشلهم وغيّهم. لهذا ليس غريبا أن تسمع رئيس دولة أو حكومة ينهر القادة الغربيين بأنهم ليسوا مؤهلين لإعطاء الآخرين دروسا في الحكم أو الديمقراطية! وليس غريبا أيضا أن تسمع أحدهم يرد مثلا بـ«أنظر القوة التي عاملت بها فرنسا أصحاب السترات الصفراء» أو أن «الفساد موجود حتى في الدول الديمقراطية» عندما يُسأل عن فساد في بلاده. يختلف فساد قادة الشرق عن فساد قادة الغرب في الشكل والتفاصيل، أما الجوهر فمتشابه. هناك فرق واحد لكنه حاسم، هو أن المجتمعات الشرقية لا تملك صحافة تفضح الفاسدين، ولا تملك قضاءً يحاكمهم ويدينهم، كما هو الحال في الغرب. وما لا يقوله حكام الشرق وهم يُسوِّقون لفسادهم وطغيانهم، أن في الغرب، وعكس بلدانهم، هناك القانون وقوته وسُموه فوق الجميع. وهناك قوة المجتمع المدني، وقدرٌ من حرية التعبير والصحافة لا تزال صامدة تقاوم المافيات وأخطبوطات السياسة والمال, أضرار هذا الانحراف ليست محلية فقط، بل تمتد بعيدا بسبب العولمة وما فرضته من تداخل وثيق بين الأفراد والمجتمعات. أسوأ من ذلك، هناك نيّة وجهد لنشره بين الآخرين، والتشجيع عليه. الحكومات الغربية اليوم شريكة في فساد الحكومات الشرقية ومجتمعاتها بأكثر من طريقة.. من خلال حروبها في القارات الخمس وما تترك وراءها من دمار وتخلف وآفات.. ومن خلال صمتها على الطغاة واستمرارها في التعامل معهم وتزويدهم بالأسلحة والشرعية.. من خلال ترحيبها بالأموال التي يُهرِّبها الفاسدون من دول العالم الثالث إلى بنوك الغرب وبورصاته وأسواق عقارته.. إلخ. .إن الولايات المتحدة تعتبر دوما نفسها كـ»منارة حقوق الإنسان»، وتقوم بفرض الإملاءات والهجوم على حقوق الإنسان في الدول الأخرى وتشويه صورتها، غير أنّ حقوق الإنسان في داخل هذه الدول تتدهور باستمرار. إن الولايات المتحدة كـ»أكبر دول فاشلة في مكافحة الجائحة»، قد تجاوز عدد الوفيات الناتجة عن كورونا المستجد فيها مليون شخص، الأمر الذي يعكس مدى تجاهلها لحياة وصحة الشعب التي تعتبر من حقوق الإنسان الأساسية. على مدى عامين منذ مقتل جورج فلويد، لا يزال «فيروس» العنصرية ينتشر في الولايات المتحدة باستمرار، ولا يزال معدل الجرائم المتعلقة بالتمييز العنصري مرتفعا. بعد إبطال حكم قضية «رو ضد وايد»، لم يحظ حق المرأة الأمريكية في الإجهاض بحماية الدستور، الأمر الذي يعد استخفافا خطيرا بحقوق المرأة. تتدخل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت ستار حقوق الإنسان وإثارة الاضطرابات والفوضى على الساحة الدولية. أصدرت الجمعية الصينية لحقوق الإنسان مؤخرا تقريرا تحت عنوان «الولايات المتحدة ترتكب الجرائم الفادحة لانتهاك حقوق الإنسان في الشرق الأوسط والمناطق الأخرى»، وهو يكشف بشكل معمق أنّ الجرائم الأمريكية تؤدي إلى الحروب المتكررة في الشرق الأوسط، وتُعرّض حقوق الشعب في الحياة والتنمية وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية لأضرار جسيمة تعتبر الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى أكبر منتهك لحقوق الإنسان في العالم. شائعة «الإبادة العرقية» بكل وقاحة، لمحاولة زعزعة الاستقرار في الصين وعرقلة تنميتها عن طريقة التشهير والافتراء بقدر الاستطاعة. كانت الدول الغربية صامتة أمام سجلاتها المحفوفة بالمشاكل في مجال حقوق الإنسان، هي في الحقيقة تدوس على حقوق الإنسان وتتجاهل هذه الحقيقة
تتحدث حكومات الغرب ومؤسسات اعلامه المهيمنة عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وتدين حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وهو حق ضمنه القانون الدولي وكل منظومات حقوق الانسان وقيمه الأخلاقية. ويصمت هذا الغرب الديمقراطي عن الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال واجهزته الأمنية، وكذلك اعمال العنف التي ترتكبها عصابات المستوطنين المتطرفين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تصاعدت بشكل مفضوح، مستفيدة من تواطئ حكومة ومؤسسات دولة الاحتلال، التي شجعت هذه الاعمال البربرية، وضمنت افلات الجناة من العقاب، ويمكن هنا الإشارة على سبيل المثال لا الحصر الى الهجوم الوحشي في تموز الفائت، على مخيم اللاجئين في جنين,, ومن البداهة، التي أصبحت غريبة عن اذهان قادة وأنصار الديمقراطية الغربية، استحالة استمرارحرمان شعب من ابسط حقوق الوجود الإنساني، واستمرار عمليات الاستيلاء المستمرة على الأرض والمنازل، والاغتيال العلني للناشطين الفلسطينيين، وملاحقتهم واعتقالهم وتعذيبهم، ودفعهم في أتون فقر متنام دون ان يحدث الانفجار الذي لا زالت فصوله تتوالى. ولن يغير من جوهر الحق الفلسطيني حملات الغرب الإعلامية وهستيريا التضامن مع إسرائيل، وكذلك ابتعاد أوساط ليبرالية وتقدمية وبعض اليسار الأوربي عن هذا الجوهر، عبر تحليلات تستند الى تنوع وتباين رؤى القوى السياسية الفلسطينية، وكذلك طبيعة حركة حماس الفكرية ومسارها التاريخي. ان مركز الاهتمام يجب ان يتوجه لإدانة عمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والدعوة لتجنيب جميع المدنيين آثار الحرب، وعدم جعلهم هدفا رئيسيا، وبشكل ممنهج، كما يفعل جيش الاحتلال بمئات الآلاف من سكان القطاع.
 

المشـاهدات 113   تاريخ الإضافـة 13/11/2023   رقم المحتوى 43106
أضف تقييـم