السبت 2024/7/27 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
نال مؤخرا تكريم مكتب رئيس الوزراء و وزارة الداخلية .. التراثي صباح السعدي يحول بيته الى متحف للمقتنيات والوثائق والصور التراثية والتاريخية النادرة
نال مؤخرا تكريم مكتب رئيس الوزراء و وزارة الداخلية .. التراثي صباح السعدي يحول بيته الى متحف للمقتنيات والوثائق والصور التراثية والتاريخية النادرة
تحقيقات
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

بغداد /  علي الكناني

تحظى المقتنيات والتحف التراثية والانتيكات القديمة النادرة باهتمام العديد من هواة ومحترفي جمعها واقتنائها بهدف الاحتفاظ بها والحفاظ عليها من الزوال.. والاندثار او بهدف البيع والشراء والمتاجرة بها  ولكن يبقى الهدف الاسمى في هذه المعادلة هي ابقاء هذه المقتنيات تتنفس سر وجودها واستمرار بقائها كجزء من الموروث التراثي والثقافي والحضاري الذي نعتز ونفخر به ولعل ذلك هو خير من فقدانها واندثارها في غياهب النسيان والضياع. -قبل ايام وجه لي الصديق التراثي صباح نصيف السعدي تولد عام 1963 دعوة كريمة لزيارة المتحف التراثي الخاص به متخذا من بعض غرف منزلهم العامر في مدينة الحرية مكانا لحفظ وعرض تحفه و مقتنياته الفريدة  والنادرة.

* نفائس من الانتيكات القديمة تفترش الارض وجدران تكتظ  بصور ولوحات زيتية نادرة .
ما ان اصطحبنا الصديق صباح السعدي لزيارة متحفه والاطلاع على محتوياته وموجوداته حتى فوجئنا ونحن ندخل عبر الباب الرئيس للدار بانه لم يترك مساحة من الفراغ في ممرات المنزل الداخلية والصالة الكبيرة الا وشغلها بقطع كبيرة ومتوسطة الاحجام من هذه المقتنيات التي يصل العمر الزمني  لبعضها الى اكثر من مئة عام ..ومنها باب خشب قديم عثر عليه في احد بساتين الدجيل وضع كمعبر على احدى السواقي هناك .. وكذلك بقايا عربة ربل قديمة وغيرها ودهشنا ونحن نرى هذه المقتنيات والتحف القديمة الموشاة بنقوش وزخارف يدوية جميلة  وهي تفترش ارضية المكان  في الصالة الرئيسة او كما يسميها السعدي بقاعة  الانتيكات والتي يتجاوز  عمر بعض موجوداتها الى اكثر من 100 عام حيث قدم لنا شرحا وافيا عنها فيما اكتظت جدرانها بالعديد من الصور الفوتوغرافية القديمة والتي تعود  كما يقول الى شخصيات فكرية وسياسية واجتماعية معروفة في العهدين الملكي والجمهوري الى جانب مطبوعات ومنشورات قديمة و لوحات زيتية لعدد من الرسامين العراقيين الرواد من بينهم علاء الشبلي وشاكر الشاوي وسهام السعودي واخرين ولوحات خطية من ابداعات الخطاطين الراحلين من بينهم هاشم البغدادي وغالب صبري موضحا  ان لديه ايضا العديد من الاواني والادوات المنزليه النحاسية والبرونزية المختلفة ذات النقوش اليدوية والزخارف الجميلة التي كما يذكر بانها طالما استخدمتها العوائل البغدادية في بيوتاتها ايام زمان في اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي واضاف وهو يشير بيده الى قطعة من مقتنياته لا يخلو شكلها من الغرابة لم نعرف فيم تستخدم قبل ان يخبرنا بانه  (بريمز) من النحاس الاصفر وبعشرة مشاعل  وان هناك من اخبره بان هذا (البريمز) كان يستخدم في بيت رئيس الوزراء في العهد الملكي الباشا نوري السعيد لافتا انتباهي الى نسخة اصلية مؤطرة بعنايةلأحد اعداد صحيفة (زوراء) التي كانت تصدر في العهد العثماني في زمن الوالي مدحت باشا
* لكل مهنة أسرارها..
_قلت للتراثي صباح السعدي ما عرفناه عنك ان عشقك للتراث بكل تفاصيله واتجاهاته قد تجاوز حدود الاهتمام والهواية الى الاحتراف واعني معرفة تاريخ هذه المقتنيات وبعض ما خفي من معلومات عنها فكيف ذلك فقال.. ان عشقي للتراث وجمع المقتنيات والانتيكات القديمة يعود الى  كوني من مدينة عرفت بتاريخها وعراقتها وهي مدينة الكاظمية وكذلك من خلال اتخاذي محلا لي في سوق الهرج في منطقة الميدان والذي كان يسمى (خردة فروش) لبيع وشراء كل ما تستخدمه العوائل البغدادية من لوازم ومواد قديمة تم الاستغناء عنها  وبعد فترة الحصار في التسعينيات اضطر الكثير من هذه العوائل نتيجة الحاجة الى بيع أشياءهم ومقتنياتهم النادرة وما توارثوه عن اجدادهم وابائهم من هذه المقتنيات التي اغلبهم يجهلون قيمتها الحقيقية وبعد ازدياد معرفتي و خبرتي في هذا المجال فكرت بان احتفظ بكل ما يقع تحت يدي من هذه النوادر وعدم التفريط به وبيعه ليكون من ضمن اولويات اهتمامي لضمه الى متحفي الخاص في البيت حتى غصت غرفه بها ولا اخفي عنك انها احتلت حتى غرفة نومي ايضا ولم اتراجع امام عدم ارتياح بقية افراد العائلة الذين لم يخفوا فيما بعد تعاطفهم واهتمامهم معي.. بعد ان عرفوا بانني لا استطيع العيش بدونها ..
* المركز الثقافي البغدادي في المتنبي يحتضن معرضه ومتحفه الدائم:
ثم سألت السعدي عن حصيلة ما تمكن جمعه لحد الان من هذه المقتنيات وكذلك عن مبادرته بضمنها في معرض دائم فقال..لقد حرصت على ان يطلع الناس والمهتمين بالتراث على هذه النوادر القديمة وعدم خزنها في صناديق لا يراها احد..لقد قررت وبجهود شخصية من دون معاونة من اية جهة رسمية او غير رسمية بالانضمام الى المركز الثقافي البغدادي لاتخذ  من احدى قاعاته معرضا ومتحفا واواظب على الاشراف عليه خلال ايام الجمعة من كل   اسبوع وهو ايضا يضم بين جنباته مقتنيات قديمة وصورا مهمة ومطبوعات ووثائق نادرة منها ما يعود الى زمن البدايات الاولى لتاسيس الدولة العراقية عام 1921. ومن الاشياء المهمة والنادرة التي احتفظ بها مصباح كهربائي طبع عليه صورة الزعيم عبد الكريم قاسم .وكذلك يوجد شعار  ثورة تموز من البرونز ويزن بحدود 30 الى 40 كيلو  غرام وقد حصلت عليه من احد الباعة في سوق مريدي الذي كان ينوي صهره كمادة من البرونز وقد قام بتصميم الشعار الفنان جواد سليم  وخط من قبل الخطاط هاشم البغدادي مشيرا الى ان حصيلة ما جمعه من هذه المقتنيات هي كما يقول بحدود 5000 قطعة وهي قابلة للازدياد يوما بعد آخر.
* قرآن نادر مخطوط بماء الذهب ولوحة زيارة إذن الدخول للإمامين الكاظمين (عليهم السلام) هدية للعتبة المقدسة :
يروي لنا التراثي صباح السعدي خلال حديثه الممتع هذا عن مبادرته قبل سنوات بتقديم هديتين  ثمينتين لا تقدران بثمن الى الامانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة. بقوله..
لقد قمت بتقديم هاتين الهديتين المباركتين الى العتبة المقدسة بعد حصولي عليهما من احد الباعة يعود زمنهما الى اكثر من مئة وخمسين عاما كهدية  لضمها الى المتحف الخاص بالعتبة وقد حظيت هذه المبادرة بتقدير وشكر  امينها والمسؤولين فيها .. مناشدا الجهات المعنية في مدينة الكاظمية والامانة العامة للعتبة المقدسة في ضرورة الاسراع بانجاز المتحف التراثي والوثائقي الخاص بمدينة الكاظمية مبديا استعداده الكامل للتعاون مع هذه الجهات لانجازه بما يليق ومكانة هذه المدينة التي تميزت بجذورها التاريخية والحضارية الاصيلة..  
* سيارة قديمة لا تقدر بثمن.
ثم اصطحبني السعدي مع نجله الشاب  مصطفى الى الباحة الداخلية للمنزل حيث تقف في احد اركانها سيارة امريكية قديمة نوع فورد يعود زمنها كما اخبرني  الى عام 1928  فطلبت منه ان يحدثني عن المزيد من التفاصيل عنها فقال.. -هذه السيارة تعود ملكيتها سابقا الى احد التجار المعروفين في بغداد وهو المرحوم بدري  حمادي اسمير الدباش والذي اشتراها بمبلغ 300 دينار من السفارة الامريكية ببغداد في خمسينيات القرن الماضي وبحكم كونه من منطقة الدباش ومعرفتي به تمكنت من شرائها منه في عام 2003 وقبيل وفاته و لكنه اشترط بعدم التفريط بها وبيعها والحفاظ عليها فوافقت على ذلك وهي الان كما رايتها موجودة ضمن مقتنياتي التي اعتز بها كثيرا وهي ما تزال تعمل بشكل جيد وقد شاركت بها خلال بعض الاحتفاليات التي اقيمت خلال السنوات الماضية من بينها يوم بغداد.
* موقف يثير الدهشة والاستغراب ويستطرد السعدي في ذكر احد المواقف اللافتة للانتباه من التي مرت به بقوله:
هناك مواقف كثيرة مرت بي خلال عملي والتي لا تنسى ومنها في احد الايام عرضت علي ثلاث لوحات زيتية لاخذها مجانا من احد البيوت بعد ان قمت بشراء قطع اثاث وثريات  وتحفيات من ذلك البيت فاخبرتهم بانني سابيع هذه اللوحات وسيكون جزء كبير من المبلغ من حقهم فقالوا اننا اهديناها لك فافعل ما تشاء وبعد الاطلاع عليها وجدتها انها لثلاث رسامين رواد من بينهم جواد سليم و فائق حسن فقمت ببيعها بمبلغ 25 الف دولار امريكي فاعطيتهم منها 10000 دولار ففرحوا كثيرا وقالوا لقد قدمنا لك هدية فكنت اكثر منا سخاء شكرا لك..وتجدر الاشارة هنا الى ان التراثي صباح السعدي وتثمينا لجهوده المتواصلة ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي بالتذكير ونشر العديد من المعالم التراثية والاثرية والحضارية والدعوة للحفاظ عليها حصل مؤخرا على تكريم مكتب السيد رئيس الوزراء والسيد وزير الداخلية وكذلك من قبل اللواء سعد معن مدير العلاقات والاعلام في الوزارة لحصوله على المحتوى الهادف الاول في العراق.
وانا الملم اوراقي مودعا التراثي صباح السعدي ومتحفه الجميل سالته الى ما ستؤول اليه هذه التحف الفريدة بعد عمر طويل فاجابني من دون تردد انها ستكون بعهدة الجهات المعنية التي ستتولى اقامة المتحف التراثي لمدينتي الكاظمية كهدية متواضعة مني ومن عائلتي لانني احبها وافضلها على اية مدينة في العالم.

المشـاهدات 1058   تاريخ الإضافـة 07/10/2023   رقم المحتوى 42538
أضف تقييـم