السبت 2024/7/27 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
المقدادي وطه جزاع .. من يكتب المقال الصحفي؟
المقدادي وطه جزاع .. من يكتب المقال الصحفي؟
مقالات
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

  د.كاظم المقدادي

سألني أحد طلبة الإعلام يوماً: هل يمكنكَ مساعدتي على كتابة مقال صحفي؟ فأجبته بلطف معتذراً لن أتمكن من ذلك!. والحق أنني لم أكن أقصد القساوة في رده، أو البخل في تعليمه، أو بث اليأس في نفسه، إنما هذه هي الحقيقة التي اردت من خلالها افهامه أن فن المقال لا يشبه بقية الفنون الصحفية التي تتحصل بالتعليم النظري والتطبيق العملي، ذلك لأنه مرتبط بالموهبة أولاً، وبثقافة الكاتب المتأتية من قراءاته المتنوعة ومطالعاته في شتى أنواع المعارف والعلوم والآداب ثانياً، والأهم من ذلك كله المثابرة التي تحافظ على الموهبة وتنميها، والصبر على طول التجارب حتى يتبلور الأسلوب الذي يمنح كل كاتب ملامحه وبصمته وهويته. حكى لي أحد الزملاء ممن ترأسوا قسماً للإعلام في احدى الكليات الأهلية، أنه أراد أن يختبر طلبته في أولى محاضراته، وأن يتعرف على مستوياتهم الثقافية التي دفعتهم للتقديم إلى هذا القسم دون غيره، قياساً على ما كان عليه هو وأقرانه من الطلبة قبل خمسين عاماً، فسألهم عن دوستويفسكي هل سمعوا به؟ فلم يجبه أحداً منهم، فتنازل قليلاً، ليسألهم من هو نجيب محفوظ ؟، فحاروا جواباً، ثم تنازل أكثر ليسألهم، ماذا تعرفون عن جواد سليم؟ فتلاقت الأعين بالأعين والآذان بالآذان بحثاً عن الجواب المفقود!. كان هذا الزميل يقيس الأمور على مقاييس زمانه، يوم كان المتقدم لدراسة الإعلام مؤهلاً للخضوع إلى اختبار معلوماتي وثقافي يفتح له باب القبول في هذا التخصص الذي من أولى متطلباته أن يكون المتقدم له قد قرأ كثيراً وطالع مطالعات خارجية في المرحلتين المتوسطة والإعدادية وربما حتى في الإبتدائية، وعندما تقدم هو لدراسة الإعلام كان قد ختم القرآن الكريم مرات عديدة فتمكن من اللغة والبلاغة وحسن التعبير، واكتسب خيالاً واسعاً من قراءة القصص والروايات العربية والعالمية، وتعرف على خبايا الخير والشر في النفس البشرية من شخصيات الروائيين الروس العظام أمثال نيكولاي غوغول وتورجينيف وتولستوي ودوستويفسكي وشولوخوف، وعرف اعمال سارتر وكامو، وعاش مع رعب كافكا في صرصاره وقلعته، ومع فيكتور هيجو في أحدب نوتردام، ومع همنغواي في الشيخ والبحر، ولمن تقرع الأجراس، وقرأ  أيام طه حسين، وعبقريات العقاد، وحمير توفيق الحكيم، وتماهى مع شخصيات نجيب محفوظ في ثرثرة على النيل، والكرنك، وأولاد حارتنا، وسي السيد في ثلاثية بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، وقرأ كلاً أو بعضاً من أشعار الرصافي والجواهري والسياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وحسب الشيخ جعفر، وقصص وروايات فؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان وموسى كريدي وعبد الرحمن مجيد الربيعي. وبمثل هذه العدة الثقافية، تقدم هو وغيره من أبناء زمانه للدراسة الجامعية، ولدراسة الإعلام على وجه التحديد الذي قد يُعلِم صناعة الخبر والتقرير الخبري والريبورتاج واللقاء والتحقيق الاستقصائي، لكنه لا يُعلِم كتابة المقال الصحفي، إلا للموهوبين الذين اكتشفوا مبكراً مواهبهم في كتابة مادة الإنشاء أو التعبير خلال مراحلهم الدراسية الأولية، فعززوها بالقراءة وسعة المعرفة والثقافة الموسوعية التي تمكنهم من كتابة المقال الصحفي بأساليبهم المتعددة في الكتابة، وبمعلوماتهم وثقافتهم التي تمنح المقال قيمة وجوهراً وغاية. أذكر أنني حضرت قبل مدة مدعواً مع عددٍ من الزملاء الصحفيين إلى مهرجان إعلامي طلابي بصفتنا مُحَّكمِين على نتاجات الطلبة، ومنها نتاجاتهم في المقالات الصحفية، وعندما عُرضت علينا بعض المقالات، فوجئنا بأسلوبها وحرفيتها، فساورنا الشك فيها، بالأخص وأنها تبدو ليست جديدة على ذاكرتنا، فعدنا إلى محرك البحث في الإنترنت لنكتشف أن كل ما عمله الطلبة أنهم اقتطعوها ولصقوها « كوبي بيست» وحذفوا إسم الكُتّاب المعروفين، ووضعوا أسماءهم عليها بغية الحصول على جائزة المقال الصحفي!. قد لا يكون الطالب مسؤولاً مسؤولية كاملة عن هذه «السرقة» الصحفية، إذ انه قد يتوهم بأن المطلوب أن يختار مقالاً صحفياً من الإنترنت ويضع عليه اسمه، نعم قد يكون بعض الطلبة بمثل هذا المستوى من الإدراك والفهم،
 لكن الذي يتحمل المسؤولية الأكبر هو التدريسي الذي يُفترض أن لا تمر عليه مثل هذه المقالات المسروقة، مثلما يُفترض أن يوجه الطلبة توجيهاً صحيحاً بالاعتماد على أنفسهم، وعلى مواهبهم في الكتابة إن وجدت، وأن يعمل على تنميتها وتحفيزها وتشجيعها في المسابقات والجوائز والدعم المعنوي.

*د. طه جزاع 

كتب زميلي الدكتور طه جزاع على صفحته الخاصة ،  مقالا مهما يتعلق بموضوع  تخصيص ( جائزة المقال الصحفي )..
وكان لنا مداخلة تتعلق بالموضوع ذاته.
جائزة المقال.. ام اجازة المقال ..؟
قرأت ما كتبه الزملاء عن المقال الصحفي ،، من آراء وافكار وتعليقات ومداخلات .
واظن ان المقال الصحفي، غاية قد لا تدرك ، لصعوبة كتابته ، وتعثر الشروع بمقدمته ، وتناول متنه ، وتثبيت خاتمته ، وترابط اجزائه . والمشكلة ،، ان البعض من الصحفيين من القدماء والجدد ، يستسهلون هذا اللون من الفنون الصحفية ،، ربما لانه الـطريق الاسهل لذيوع  الشهرة المهنية . غير اني اعده  الاصعب من بين الفنون الصحفية  لارتكازه على ثقافة واسعة ، ودراية شاملة ، ونباهة فائقة . ولعل من اول شروطه ،، ضرورة الابتعاد عن الاسهاب ، والانشاء المثقل بالجمل الطويلة ،  والمفردات الرتيبة  . وقوامه التحكم بعناصر الموضوع ، لجعله مترابطا متماسكا ، ومتناغما ، وجذب القاريء مشاركا ، ومنتشيا بلذة القراءة . لذلك فالوصول الى حالة الانتشاء من التلذذ  المشترك بين الكاتب والقاريء ، يكون النتيجة الرائعة التي تنتهي بها عملية القراءة للمقال الناجح ، بل هو المفتاح الذهبي ، الذي يفتح باب القراءة بشكل كاسح . وفكرة ما اردت توضيحه .. هو ان المقال الصحفي  واسلوب كتابته  يخضع لعوامل نفسية واجتماعية لا تتوفر عادة الا لمن يشعر بقدسية ما يكتب  ويشعر ان له قاريء  يقرأ له ، ويتابعه   وربما يحتفظ بمقالته في ارشيفه الخاص ، وهذا ما يحدث  للكثير من كتاب المقال الناجحين ، بسبب من يقظة حروفهم ، وفطنة افكارهم ، ومعرفة ما يجري حولهم . والاهم من هذا وذاك ،، ان  اللغة تظل الأداة السحرية لكاتب المقال الصحفي ، واعني بها اللغة الغنية بالمفردات ،  والمشحونة بالدلالات والتي تنتج المعنى ، فالمقال الصحفي الذي لا ينتج  المعنى ، يظل واهيا ، فاهيا ، لا  يتجذر في اذهان القراء . مسك الختام .. علينا اولا ان نجيز المقال لمن يجيد كتابة المقال .. ثم تمنح الجائزة بمثقال ومثقال .
 شكرا صديقي د طه لأنك ساهمت في تحفيز الافكار ،وإضاءة  الانوار .. 


 

المشـاهدات 676   تاريخ الإضافـة 31/03/2024   رقم المحتوى 45080
أضف تقييـم