النـص : عبد الزهرة البياتي*
(السنة التاسعة عشرة) العدد (4388) - الثلاثاء - 16 - تموز - 2024
في العاشر من شهر محرم الحرام من العام (٦١) هجرية استشهد سبط رسول الله (ص) وريحانته الإمام الحسين(ع) وأخيه العباس وعياله وأصحابه الغرّ الميامين (عليهم السلام) على أديم كربلاء في واقعة الطفّ بسيوف الظالمين الغادرين وعتاة المجرمين الأمويين ومنتهكي حرمات الدين.. ورغم مأساوية ما حصل في تلك الواقعة الدامية إلا ان الثورة الحسينية كانت خط الشروع الأول صوب الرفض المطلق وعدم المساومة والمهادنة والخنوع لكل ظالم مستبدٍّ وجائرٍ يريد ليَّ الأعناق وتركيع الناس استجابة لرغباته ونزواته وإملاءاته الخارجة عن تعاليم الرسالة الاسلامية المحمدية.. وهنا أستحضر قول الشهيد الثائر أبي عبد الله الحسين(ع) الذي مازال يرنُّ في الذاكرة مهما تقادم الزمن وتعاقبت الاجيال:( إنّي لم أخرج أشرا ًولا بطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.. أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن ردَّ عليَّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين). إن الحسين(ع) بقوله البليغ هذا قد حدّد الخطوط العريضة لثورته وأهدافها المشروعة .. لقد استحضر الحسين (ع) وهو يتوجّه الى حيث سوح الوغى والمنازلة المصيرية لمواجهة قوى الشر والرذيلة والظلام والفساد والعهر السياسي والأخلاقي قد استحضر كل قيم البطولة والثبات على المباديء الأصيلة والفضيلة والعدل والزهد والترفّع عن الهوى والزيف ومغريات الحياة وزخرفها وبهرجها، لهذا فقد اختار طريق الحق لمجابهة الباطل وطريق الإصلاح لمجابهة الرذيلة والفساد والإنحراف.. الحسين( ع) استرخص المُهج والدم كي ينتصر على سيف الكافرين أعداء الدين فانتصر الدم على السيف رغم عدم توازن القوة في ميدان المعركة.
إن استذكار واقعة الطف بكل أبعادها والتوضؤ بضوئها الرسالي المتوهّج والتمثّل بأخلاق الإمام الحسين( ع) سلوكاً ومنهجاً حياتياً بات مطلوباً اليوم قبل أي وقت مضى.. الحسين(ع) رفض الخنوع واختار الثورة على (يزيد) وطغمته الفاسدة لأنه حاكم جائر اضطهد الناس وشتّت شمل المسلمين وبثّ في نفوسهم الفرقة وبدّد ثرواتهم وجوّعهم وسلب حريتهم وفرض نظام العبودية عليهم..
الحسين(ع) ثار من أجل الإصلاح وتصحيح الإنحراف ومعالجة الخلل وأبى للجور أن يسود وللحاكم أن يتفرعن.
الحسين(ع) مهمازٌ ومنارٌ لكل المطالبين بالحقوق وهو رمزٌ لكل الثائرين من أجل الكرامة والنضال ومن أجل حياة حرّة كريمة ومُصانة.
لنتعلّم من الحسين(ع) نهجه في الثورة ونستلهم روح التضحية.. فلا كرامة من دون تضحيات وتلك هي الحقيقة.
|