الثلاثاء 2024/7/16 توقيـت بغداد
07901195815-07707011113    albaynanew@yahoo.com
جريدة يومية سياسية عامة مستقلة
لا ترتبط بحزب أو حركة أو جهة دينية أو سياسية
صاحب الإمتياز
ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمد عبده يغرق في بحر السياب
محمد عبده يغرق في بحر السياب
فنية
أضيف بواسـطة albayyna
الكاتب
النـص :

الفنان/قاسم ماجد
في احد الايام التقى الناقد الموسيقي عادل الهاشمي بالمطرب خالد الشيخ وقال له إن صوتك لا يصلح لغناء القصائد  لأن صوتك ذبذباته ضعيفة. وغناء القصائد يحتاج إلى أصوات قوية ذات مواصفات خاصة. هذا القول اغضب الشيخ كثيرًا. ولا اعرف لم تذكرت هذه الحادثة اليوم حين سمعت الفنان محمد عبده يغني قصيدة أنشودة المطر لبدر شاكر السياب ، وهي من قصائد الشعر الحر، والشعر الحر يكتب من شطر واحد بعدة تفعيلات غير محددة ، اذ يتضمن الشطر تفعيلة واحدة,وقد يصل إلى خمس تفعيلات وأكثر بتنويع القوافي. هذه المهمة تضع الملحن في حرج لأنها تضيع عليه الجرس الموسيقي الداخلي للقصيدة ,الذي يستند عليه الملحن ما يخلق صعوبة في بناء اللحن والتناغم الموسيقي .ما يضطر الملحن لأن يضع أكثر من قالب لحني تماشيًا مع تعدد القوافي, لذلك يحتاج إلى تنويعات في اللحن وفق مسار الشعر وإبراز مضمون الكلمة. وهذه وحدها تحتاج إلى ملحن متمرس وذي قدرة على تلحين مضامين الشعر.بدأت أنشودة المطر بمقدمة موسيقية من مقام الكرد على درجة الري و الانتقال إلى مقام الرست ثم الرجوع إلى نفس المقام .جاءت المقدمة تشبه المقدمات الموسيقية للأغاني السابقة بالشكل و خالية من الدهشة .الشكل الجديد جاء كأنه استعراض للمقامات فقط بإيقاعات متنوعة .حتى الغناء جاء من مقام الكرد ثم تحول إلى الرست ثم الرجوع إلى الكرد وقفل بكلمة (مطر )بأكثر من لحن واستقر على مقام الصبا زمزم وأصبحت اللازمة ليقفل بها الغناء في المقاطع الثلاثة.. ثم جاء المقطع الثاني من مقام النهاوند على نفس درجة الغناء(الري) بكلمة (تثاءب) المساء ثم الانتقال إلى البيات   الحسيني ,وكان الطابع الحضرمي طاغ على الجمل التي تذكرنا بجملة في اغنياته القديمة ثم يرجع ويقفل بكلمة مطر.وجاء المقطع الثالث بيات على الري بإيقاع الرمبة ثم انتقل إلى الرست والحجاز ثم الرجوع إلى البيات..وهنا يتوقف الإيقاع ويصبح الغناء ( فالت) وهو نفس الأسلوب الذي استخدمه في أغاتيه السابقة ثم الرجوع إلى اللازمة كلمة (مطر) .وجاء المقطع الرابع بيات على الصول وجاء اللحن هادئا وتطريبيا خالٍ من التعبيرية, فبكلمة أصيح بالخليج لم نسمع صوت الصياح بل كان هناك صياحا موزون بالإيقاع .وهذه هي مشكلة التعبيرية في اللحن ثم الانتقال إلى مقام العجم بكلمة مطر.. وهنا جاءت بثوب جديد مليء بالامل والفرح ..ولحن سعادة عكس ماكان يقفل به الغناء بكلمة (مطر) بشكلها الحزين بل جاءت مفرحة.. ولا نعرف ما الفلسفة في ذلك .
محمد عبده يدرك أن القصيدة صعبة لذلك فانه استخدم في المقاطع الثلاثة نفس الدرجه(الري ) ما سهل عليه العملية و بتويعات مقامية ومن درجات مختلفة, حتى يتخلص من عملية الربط بين الجمل والرجوع إلى المقام الاصلي وهو يدرك صعوبة هذا العمل, لذلك عمد الى استخدام لازمة مطر ليخرج من هذا المأزق. لذلك غرق عبده ولم يستطع النجاة في هذه القصيدة, وخرجت عبارةعن مجموعة اغان في شكل قصيدة. خلاصة التحليل:-
اولا : استخدام الإيقاعات الخليجية كالرمبة العدني والينبعاوي ويورك سماعي وهي إيقاعات محدودة لا تعطي مساحة كبيرة كإيقاع الوحدة الكبيرفي الغناء.
ثانيا : جاء لحن القصيدة كل مقطع بلحن مختلفا عن الذي سبقه من حيث المناخ والشكل وكأنه مجموعة اغان مركبة. وكأن المطرب يريد التخلص من الكلام بسرعة للوصول إلى كلمه مطر,وصاحبه هنا بعض الادغام في بعض الجمل . ثالثا : غناء القصيدة يحتاج إلى صوت فصيح وقوي وواضح الحروف. وعبده من الأصوات الرفيعة المهلهلة,وغناؤه عادة خال من الحلي والزخارف, وهما جزئيتان تضيفان إلى الألحان الجمال والتلوين والتشكيل, إضافة إلى طبيعة صوته ( هنك) بعيد بعض الشي عن الشعر الفصيح بسب انغماسه باللهجة الخليجية العامية التي تكسر الحروف أحيانًا. في الآخر هي تجربة أراد عبده ان يجرب ربط اسمه بالسياب ويسبح في بحره. لكنه للاسف غرق!. على الرغم من الدعم الإعلامي الذي رافق العمل, وعبده ليس الأول لم ينجح مع السياب بل أكثر الملحنين الكبار الذين تعاملوا مع شعر السياب ولم ينجحوا لأن شعر السياب فيه الكثير من  الألم والعذاب والغربة و الروح و الحزن والوجع والفقر..و يحتاج إلى دراية وتمعن لمعاني الكلام لا الاعتماد على جرس القافية والتفعيلة. لذلك ظل شعر السياب اكبر من الألحان, وظلت التجارب محصورة و لم تأخذ شهرتها كالقصائدااسابقة . في الختام محمد عبده واحد من أهم فنانين العرب قدم أنماطا وأشكالا كثيرة للغناء وكسر قاعدة الغناء الخليجي.
 

المشـاهدات 494   تاريخ الإضافـة 01/07/2024   رقم المحتوى 46163
أضف تقييـم